انتاج الحقيقة في الخطاب الاعلامي

image
صوره متداولة
2022-05-07

 

كتب : موسى ابوقاعود

ﻳﻮﻇّـﻒ اﻟﺨﻄـﺎب اﻹﻋﻼﻣـﻲاﻟﺪﻻﻟـﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴـﺔ ﻟﻠﻐـﺔ ﻟﻴﺸـﻜّﻞ دﻻﻟﺘـﻪ اﻻﺗّﺼﺎﻟﻴـﺔ، ﻛﻤـﺎ ﻳﺴـﺘﺜﻤﺮ اﻟﻤﻌﺮﻓـﺔ. اﻟﺠﻤﺎﻋﻴـﺔ ﻹﻧﺘـﺎج اﻟﻤﻌﺎﻧـﻲ وﺻﻴﺎﻏـﺔ اﻷﻓـﻜﺎر وتقديميها في قوالب مختلفة لتقديم الحدث بشكل سرد بإختلاف قوالبه وانماطه ، حيث التأثير يسبق العرض والاعلام يؤطر  الحدث حيث اللغة تتشكل .

ولأن الإعلام يأخذ اشكالا مختلفة في تمرير المعنى  " مكنوب ،مرئي ،مسموع"  ويخلق مساحة للنقاش في العلن ، حينها يولد انتاجا للمعنى على أن يتخذ هذا الإنتاج شكل استثمارات قابلة للتطبيق من قبل المجموعة الموجه لها الخطاب في مشهدية كلامية بما يحيل على العلاقات التي ينسجها المعنى مع الميكانيزمات الأساسية لاشتغال ما هو اجتماعي..

ومن هنا ، يمكننا فهم أن المعنى الحقيقي ليس فقط بالنص او من خلال الكلمة بل بالتعمق تحت الكلمات والذي يقوم على اساس اختلافي ولا يمكن مقابلته بضده وفق علاقة ثنائية متقابلة ، وحسب فوكو في علاقة الخطاب بالسطلة فهو وسيلة للوصول الى السلطة .

ونرى أن كثير من وسائل الإعلام اللبنانية  تحمل شعار " الحقيقة" و بسحب ذلك ايضا على الإعلام بصفه عامة عربية وعالمية التي تسعى من خلال شعاراتها قول الحقيقة من خلال استخدام الإقناع بالعاطفة للجمهور من خلال فعل الكلام الذي تقدمه كفاعل لتقدمه " للمتقلي" كمفعول له بوصف الحقيقة على حد تعبيرها عندما تعيد انتاج المعنى (الحقيقة) كسلطة رابعة وتحمل فعل الكلمة لتنقله إلى الجمهور بمشهدية  متعدده لاقناع المشاهد بأنها تقول الحقيقية .

وتأخذ الحقيقة في وسائل الإعلام ابعاد مختلفة في تغطية الأحداث والازمات لتأطير الخطاب وتقدم الإنطباعات وسرد الأحداث للمتلقي مثل الأزمة الأوكرانية الروسية والإنتخابات النيابية اللبنانية .

واذا ما اخذنا  مثالا مباشرا على البرامج " الحوراية "   كحالة عامة يمكننا من خلالها قياس الخطاب في الفضاء العمومي اللبناني من خلال مقدمين البرامج والضيوف،في مشهدية للحوار المتعدد للرأي والرأي الآخر،من بداية إسم البرنامج الذي يعمل تمظهر في العلن، ويشارك فيه الجمهور عبر مشهدية اخرى لتكريس الديمقراطية العلنية،إلى الضيوف الذين يشاركون في النقاش ولا تكون احاديثهم خارج القول بالسياسة بقلب الإعلام،وبما أن الإعلام في لبنان يخضع لسلطة ما، فالضيوف ايضا مقسمين حسب طبيعة المحطة والمحاور فيتحول الضيف لمحاور خصم الضيف الآخر، ما يؤثر بالمجمل على سياق الحلقة وتكون التفاعلية بالحوار المرافقة للإطلالة الإعلامية للضيوف وينتج خلالها الكيفية بالقول والرغبة بالفعل(القول) اثناء الخطاب وما الواجب بالفعل والقدرة على الفعل داخل الحلقة او سياق الحوار وانتاج المعنى.

وهنا تأتي  سلطة الخطاب من قوة الكلمة كما  يتضح  من حجم تأثير الكلمات وما تحمله من خطاب، على عقول الناس، وتوجيه سلوكها، من خلال البنى الذهنية التي تتحكم فيه،إذ أن الخطاب يمتلك السلطة وبالتالي  فهو يحاكي قلوب وعقول الجماهير ويجعلها تؤمن بالرسالة التي يقصدها الخطيب  بعد أن يتوسل كل الحيل البلاغية من أجل إقناع المخاطب، لأن كل خطاب يحاول أن يؤثر بالمتلقي ويقنعه ويحاول أن يدافع عن قصديته التبليغية متوسلا الإيتوس والباتوس واللوغوس  لإقناع الجمهور بالحقيقة التي يتبناها الخطيب وليس بالحقيقة كحد ذاتها،و متوسلا الحيل البلاغية لكي يؤثر على المتلقي من أجل إنجاح فعل القول.

اذا ، الخطيب( الفاعل) والوسيلة( الإعلام) يسعى  إلى تقديم  الخطاب بالإقناع والمنطق والعاطفة بالخطاب ليقنع المفعول له" الجمهور"  بالحقيقة تبعه ،وعند الدخول بالباتوس والايتوس يعني "الأنا "المتكلمة تحكي بالحقيقة بإعتقاد كل مجموعة " فاعلين " مثل السياسين والمؤثرين والرموز السياسية وغيرها  يقدمون للجمهور بان خطابهم هو الحقيقة .

وهنا بيتأطر الخطاب والتنبؤ بيسهل للمتلقي اي يكون لديه قبول لتاثير الخطاب القوي ويكون لها تاثيرات سريعة ومباشرة .

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي شييك وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً