لبنان
شييك : مروة صفا
تداول نشطاء على مواقع التواصل مقطعًا لمقابلة مروان حمادة على قناة “الحدث” بتاريخ 26 أيلول 2025، حيث قال عن إضاءة صخرة الروشة بصورة نصرالله: "بكل تأكيد بكل تأكيد يعني متل ما بيقولوا عنا جنازة حامية والميت كلب، يعني القضية لا تستأهل هذا الاستنفار الذي جرى." (دقيقة 4:18–4:30). هنا أثار المقطع جدلًا واسعًا، وتصدر وسم #مروان_حماده منصة إكس في لبنان بأكثر من 9,541 منشورًا، ما أثار نقاشًا حول حرية التعبير والمسؤولية السياسية في استخدام المصطلحات.
وسم #مروان_حماده يحتل المرتبة الأولى على منصة إكس في لبنان
هل يحمل خطاب مروان حمادة دعوة للكراهية؟
رصد فريق شييك مقابلة أجرتها الإعلامية لارا نبهان على قناة “الحدث” مع عضو مجلس النواب مروان حمادة في 26 أيلول 2025. طرحت المذيعة سؤالًا عن موقف حزب الله من إضاءة صخرة الروشة، ودور الجيش اللبناني ووزير الدفاع، قائلة: "هل هذا التوازن اليوم قائم؟ محاولة تهديد مقابل تهديد أم ماذا؟"
أجاب حمادة: "بكل تأكيد، يعني مثل ما بيقولوا عنا الجنازة حامية والميت كلب، يعني القضية لا تستأهل هذا الاستنفار" (دقيقة 4:18–4:30). بعد عرض المقابلة، انتشر مقطع مجتزأ على منصات التواصل، خصوصًا إكس، مستخدمًا هاشتاغ #مروان_حماده، ما أثار جدلًا واسعًا حول ما إذا كانت العبارة تحرض على الكراهية أو تزدري جمهورًا معينًا.
استعمال حمادة لتوصيف "الميت كلب" في سياق سياسي حساس اعتُبر تحقيرًا، خصوصًا أنّه مرتبط بشخصية قيادية لها مكانة رمزية عند شريحة كبيرة من اللبنانيين. رغم أن العبارة مأخوذة من مثل شعبي للتقليل من شأن حدث ما، إلا أن سياقها السياسي والإعلامي أضفى عليها دلالات إضافية حملت إيحاءات الإهانة والتحقير.
العبارة مأخوذة من مثل شعبي للتقليل من شأن حدث، لكنها في السياق السياسي حملت دلالات إضافية:
اللغة: استخدام كلمة "كلب" مع "الميت" يحمل عنصر تحقير قد يُفهم على أنه موجّه لشخص أو فئة.
السياق: جاء التصريح تعليقًا على إحياء ذكرى شخصية قيادية مثيرة للجدل، ما يزيد حساسية التعبير.
الأثر: حول النقاش من جدوى الفعاليات الرمزية إلى مستوى الشتيمة والإهانة، ما ساهم في تصاعد الجدل على منصات التواصل.
موجة من الكراهية
بعد أن انتشر المقطع بسرعة، وتصدّره الترند الأول. أثار المقطع موجة من الردود على منصة إكس تباينت المواقف بين من رأى فيه إساءة مباشرة تستهدف الأمين العام السابق لحزب الله وجمهوره (هنا، هنا، هنا، هنا)، بينما رأى آخرون أنّ العبارة هي "مثلًا شعبيًا دارجًا"وقصد منها الحدّ من تضخيم الحدث وعدم المبالغة في ردود الفعل، وقد عبّر هؤلاء عن تأييدهم لمروان حمادة واعتبروا استخدامه للمثل الشعبي مقبولًا في هذا السياق (هنا، هنا، هنا، هنا). هذه الانقسامات الافتراضية تحوّلت إلى موجة من السجالات العنيفة بين المستخدمين، وأظهرت مجددًا هشاشة الخطاب العام في لبنان أمام الاستقطاب السياسي والطائفي.
وسم #مروان_حماده بين التداول والانتشار
حتى تاريخ 28 أيلول 2025، وفي موازاة التفاعل الواسع على منصات التواصل الاجتماعي، استخدمت معدة التقرير TweetBinder لرصد حركة التفاعل مع وسم #مروان_حماده. تُعنى هذه الأداة بتحليل البيانات الكمية والنوعية للمنشورات المرتبطة بوسم معيّن على منصة X.
أظهر التقرير أنّ الأداة سجّلت 200 منشور (وهو السقف الذي تسمح به النسخة المستخدمة من TweetBinder) بمعنى أنّ حجم التفاعل الفعلي قد يتجاوز هذا الرقم بكثير. من بين هذه المنشورات، شكّلت إعادة النشر 92.5% (185 إعادة نشر)، ما يعكس أنّ التداول كان قائمًا في الغالب على نشر المقطع وتعميمه.
أما على مستوى التأثير، فقد سجّل الوسم نحو 588,869 انطباعًا محتملاً و551,781 وصولًا محتملاً، وهي أرقام مرتفعة مقارنة بعدد المساهمين الكلّي (166 مستخدمًا). ما يعكس أنّ انتشار الوسم كان بفعل التأثير الواسع لحسابات معيّنة أعادت نشر المقطع ووصلت إلى جمهور كبير.
أظهرت أداة TweetBinder أنّ القيمة الاقتصادية لوسم #مروان_حماده بلغت 1,045.32 دولارًا حتى 28 أيلول 2025، مع متوسط قيمة للمنشور 5.23 دولارًا ومتوسط قيمة المستخدم 6.30 دولارًا. وحقق منشور حساب @TarekSamiKhoury أعلى قيمة بـ 296.38 دولارًا، فيما يتابعه حوالي 126,404 شخصًا. يركز الحساب على القضية الفلسطينية والمقاومة والوحدة العربية ونقد التطبيع، ويجمع بين الطابع الإخباري والعاطفي، خصوصًا في المنشورات عن الشهداء والمقاومة. تم إنشاؤه في أكتوبر 2010، ويعكس صاحب الحساب، الدكتور طارق خوري، مواقفه السياسية والرياضية وفلسفته في الثبات والكرامة، إضافةً إلى سيرته كعضو سابق في مجلس النواب الأردني ورئيس نادي الوحدات الأردني ويحمل دكتوراه في العلوم السياسية.
تُظهر هذه النتائج أنّ تصريح مروان حماده لم يبقَ ضمن حدود المقابلة التلفزيونية، بل انتقل بسرعة إلى الفضاء الرقمي حيث لقي تداولًا واسعًا. وقد ساهمت كثافة إعادة النشر في جعل العبارة محور نقاش على منصة X، ما يعكس قدرة منصات التواصل الاجتماعي على تحويل مقاطع مجتزأة إلى قضايا تتصدّر واجهة الجدل العام في لبنان.
حماده يرد
أمام تفاقم الجدل وتصاعد التفاعل، قامت قناة "الحدث" بنشر توضيح بتاريخ 27 أيلول 2025 جاء فيه أنّ النائب مروان حماده "نفى أن يكون قصد أي إساءة لفعالية الروشة أو ذكرى نصرالله، وأنّ إشارته للجنازة الحامية كان يقصد بها حصراً الأزمة الحكومية والإدارية التي نشأت حول إضاءة الصخرة وما تلاها من تشنجات." هنا هنا
انقسام الشارع والأثر
إلى جانب التفاعل الإلكتروني، يكشف تصدّر الوسم #مروان_حماده لساعات طويلة أنّ الخطاب ترك أثرًا واضحًا على الرأي العام، وأظهر مدى الاستقطاب القائم في المجتمع اللبناني. مثل هذه التصريحات، ، تؤدي إلى إعادة إنتاج الانقسام الطائفي وتعميق الشرخ بين المكوّنات.
في التجربة اللبنانية، غالبًا ما تتحوّل الكلمات إلى مؤشرات على الانتماء أو الموقف السياسي، ما يضاعف حساسيتها. لذلك فإن أثر الخطاب لا يُقاس فقط بالنيات، بل أيضًا بالنتائج التي يخلّفها على الأرض وعلى منصات التواصل.
نزول إلى الشارع
لم يقتصر التفاعل على الفضاء الافتراضي، بل امتد مباشرة إلى الشارع، حيث شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت نزول عدد من الشبان على دراجات نارية اعتراضًا على كلام حماده. تجمّع هؤلاء الشبان، مردّدين هتافات غاضبة، وأقدم بعضهم على التوجّه نحو منزل النائب، معبرين عن رفضهم لما اعتبروه إساءةً. رافق هذا التحرك رفع شعارات وهتافات تعبّر عن الاستنكار. هذا التحرك الميداني عكس حجم التأثير الذي يمكن أن يحدثه تصريح واحد، إذ تحوّل النقاش الإعلامي حول هذه العبارة إلى فعل احتجاجي مباشر يعكس انفعالات جمهور واسع. (هنا، هنا)
انتهاك المعايير الإعلامية
من منظور المعايير الإعلامية، يُظهر الخطاب استخدامًا لتشبيه غير مناسب في سياق حساس، ما يُعدّ إخلالًا بالمسؤولية التي تفرضها المكانة السياسية. فالساسة، وبخاصة أعضاء البرلمان، مطالبون بالالتزام بخطاب عقلاني يراعي التعددية اللبنانية ويحترم مبدأ المسؤولية الاجتماعية في التعبير. إن اللجوء إلى استعارة جارحة كهذه لا ينسجم مع القيم الإعلامية القائمة على الدقة، عدم التحريض، واحترام الكرامة الإنسانية، ويُعتبر بالتالي انتهاكًا لمعايير ميثاق الشرف الإعلامي والأخلاقية التي تُفترض في الخطاب العام
خطة عمل الرباط
تشدد خطة عمل الرباط على حظر الدعوة إلى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية التي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف، الاستنتاجات والتوصيات الصادرة من عدة ورش عمل للخبراء عقدَتْها المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف وفيينا ونيروبي وبانكوك وسانتياغو دي شيلي. ومن خلال ترسيخ النقاش في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
خلفيات الخطاب
أظهرت مقابلة حماده أنّ الخطاب السياسي في لبنان ما زال محكومًا بالتوترات وبقابلية عالية للتأويل. أدّى هذا التصريح إلى انقسام الشارع بين مؤيد ورافض، كما ترافق مع تحركات على الأرض، واستمر الوسم متصدرًا لساعات على منصات التواصل.
التجربة تشير إلى أنّ الحاجة ماسة اليوم لخطاب سياسي مسؤول، يُدرك أنّ الكلمة قد تُستخدم كأداة تعبئة أو كأداة تهدئة. وعليه، يفترض أن تساهم الخطابات في تعزيز الوحدة الوطنية والحد من الكراهية، انسجامًا مع المبادئ الدولية ومع خصوصية الواقع اللبناني الذي يقوم على العيش المشترك والتوازنات الدقيقة.
النتيجة
أظهر الرصد أن تصريح مروان حمادة بـ"الميت كلب" (#مروان_حماده) أسهم في تصاعد الجدل على منصات التواصل الاجتماعي وخارجها، وسجّل زيادة في خطاب الكراهية وتصاعد التوتر بين الفئات المختلفة، حيث بيّن الرصد تأثير الكلمات في تعزيز الانقسامات الاجتماعية والسياسية.
