لبنان
شييك : احمد الشاعر
في ظل التطورات السياسية والأمنية في لبنان، نشر الشيخ حسن مرعب فيديو خلال خطبة الجمعة تحدث فيه عن قضايا سياسية، ما أثار تساؤلات حول استخدام المنبر الديني لهذا النوع من الخطابات. في 26 سبتمبر/أيلول 2025، شارك الفيديو عبر حسابه على منصة "إكس" بعنوان: "رسالة إلى حزب كل شيء إلا الله، إلى الحزب الإيراني في لبنان"، وتضمن انتقادات للحزب، مما فتح نقاشاً حول تأثير استخدام المنابر الدينية في السياسة والمجتمع.
تفاعلاً واسعاً
شهدت خطبة الجمعة التي ألقاها الشيخ حسن مرعب في 26 سبتمبر/أيلول 2025 تحولاً من الطابع الديني التقليدي إلى خطاب سياسي مباشر، وجّه فيه انتقادات لحزب الله وأدواره السياسية، متطرقاً إلى قضايا تتعلق بالسلطة والنفوذ والتوترات الأخيرة في الشارع اللبناني.
أثار الخطاب تفاعلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث حصد الفيديو حتى لحظة كتابة التقرير أكثر من 78,000 مشاهدة، وأكثر من 1,000 إعجاب، فيما سجّل 615 تعليقاً توزعت بين مؤيد ومعارض، وأعيد نشره 141 مرة، ما يعكس حجم الجدل والنقاش الذي ولّده فور بثه. هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا
خطاب استفزاز
يحمل عنوان الفيديو لغةً تحريضيةً تمثّل جوهرَ خطاب الكراهية، حيث وجّه الشيخ حسن مرعب هجومًا مباشرًا على حزب الله باستخدام تسميات تَحمل ازدراءً وسخريةً مثل «حزب كل شيء إلا الله» و«الحزب الشيطاني الإيراني في لبنان». هذه المصطلحات تتجاوز حدود النقد السياسي إلى مسَ في الشرعية الدينية والسياسية للحزب عبر وصمِه بالباطل و شيطنته — أسلوب متكرر في خطاب الكراهية يهدف إلى تجريد الطرف الآخر من إنسانيته ومشروعيته.
أما الجملة الختامية «ما يكبر راسكم كتير وما تكبر الخسة حتى لا تُقتلع من جذورها» فتنطوي على لغة تحقير واستفزاز مباشر، بوضع الطرف الآخر في موضع «الخسة» التي يجب مكافحتها أو اقتلاعها، مما يعزّز الطابع العدائي للخطاب ويدعو ضمنًا إلى الإقصاء. مثل هذه العبارات تُكرّس الانقسام وتغذي المشاعر العدائية، وتُمثّل عقبة أمام أي حوار بناء أو جهود للتقارب.
تحليل الخطاب
يوضح الجدول المرفق أن خطاب الشيخ حسن مرعب استخدم كلمات وعبارات تحمل استفزازًا وانتقادًا سياسيًا، مع تكرار مصطلحات سخرية وتحقير، ما يعكس كيفية توظيف اللغة لنقل الرسائل السياسية ضمن الخطاب الديني بطريقة موضوعية.
دلالات اللغة المستخدمة
تُظهر الدلالات واللغة المستخدمة في خطاب الشيخ حسن مرعب توجّهًا نحو التحقير والاستفزاز، مع استخدام مصطلحات تحمل سخرية وتهكم تجاه الطرف الآخر. تركزت هذه اللغة على إضعاف الشرعية الرمزية والسياسية للخصم، وتعزيز الانقسام في الخطاب العام، مما يعكس أسلوبًا متكررًا في الخطابات السياسية التي تستغل اللغة لنقل رسائل قوية ضمن سياق ديني دون توجيه حكم مباشر.
عدوى النشر
أظهر تحليل انتشار مقطع الشيخ حسن مرعب أن الفيديو شهد تفاعلاً متنوعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعاد عدة مستخدمين نشره مع تعليقات تعبّر عن مواقف مختلفة بين مؤيد ومعارض. على سبيل المثال: أعاد حساب أبو أحمد نشره بعنوان: «رسالة من داخل لبنان إلى حزب المخدرات المسمى زورا بحزب الله»، بينما أعاد حساب الشيخ أبو محمد نشره مع تعليق طويل يربط بين الشخصيات والأحداث السياسية، ويترك المجال للمتابعين لتفسير الرسالة بأنفسهم. أما حساب نور علي، فعلق على الفيديو بعنوان: «الانتهازي هو الشخص الذي يبدّل موقفه حسب القوة، عادة يكون ذكي، لكن هذا غيّر رأيه بين ليلة وضحاها».
يعكس هذا الانتشار القدرة الكبيرة للخطاب على توليد جدل واسع وتباين في التفاعل، ويبرز كيف يمكن لمقطع واحد أن يُعاد نشره ويُعاد تفسيره بطرق مختلفة، ما يتيح فهمًا أفضل لديناميات تداول الخطاب السياسي والديني على منصات التواصل الاجتماع.
لغة التحريض على منصات التواصل
اعتمدنا على عينة عشوائية من التعليقات والعناوين التي أُعيد نشرها حول صور خطبة يوم الجمعة للشيخ مرعب. هذه العينة تعكس التفاعل الشعبي والإعلامي مع الخطبة، وتتيح قراءة الاتجاهات العامة في الرأي العام.
وأظهر التحليل وجود العديد من العبارات والكلمات التي تحمل طابع الهجوم، مثل « اعيدها اخرتك متل آخره أحمد الأسير »، واستخدام تعبيرات تحقيرية كالقول «ما ضر السحاب نبح الكلاب». كما تضمن الخطاب وصف النشاط بأنه «كراهي» و«فتنوي» لحزب الله كالقول (هذا الخطاب تحريضي هدفه الفتنة والاقتتال، وهو مدعوم مسبقاً من مشغلين معروفين.لأيضا كان هناك كلمات تحمل طابع «تحريضي» كالقول « استفزاز البيروتي واجب مقدس لديهم وخاصة في هذا اليوم المجيييييد يوم الاصطياد العالمي من أعمق حفرة» كما كان هناك عبارات « تهديد» كالقول «والله ليجي يوم ننتفلك شاربك شعرة شعرة على فكرة سنانك مش حلوين متل بلاط الحمام ليش مسترخص هلقد» وتكرار «تحذيرات» مثل « اتقي الله في نفسك لن تنفعك عطايا المنافقين والمجرمين» وكان من «تحويل منبر ديني» إلى «منصة سياسية». ترافق ذلك مع دعوات ضمنية لفصل الرموز الدينية عن الانتماءات السياسية، مما يعكس استقطابًا حادًا وخطابًا يشكل خطرًا على وحدة الحوار المجتمعي.
الأسلوب البلاغي في الخطاب
يعتمد خطاب الشيخ حسن مرعب على عدة أدوات بلاغية تهدف إلى تعزيز التأثير على المتلقي وإيصال الرسالة بوضوح
التكرار والتوكيد: يظهر في عبارات مثل «لا والله، والله أبداً، أضعف، أهون، أعجز، أجبن»، والتي تعمل على تعميق التأثير العاطفي وإبراز نقاط القوة والضعف بشكل ملموس.
الصور المجازية: مثل عبارة «الخسة التي كبرت أن تُقطع من شرشها»، التي ترمز إلى اقتلاع المشكلة من جذورها وتضيف بعدًا تصويريًا قويًا للرسالة.
التوازن بين التحريض والتهدئة: يركّز الخطاب على خطورة الخصم ونقاط ضعفه، لكنه في الوقت ذاته يدعو إلى ضبط النفس وتجنب العنف، ما يعكس محاولة المزج بين التحذير والتحفيز ضمن خطاب سياسي وديني متماسك
البعد السياسي في الخطاب الديني
يظهر خطاب الشيخ حسن مرعب كرسالة تحمل دلالات سياسية واضحة ضمن سياق ديني، حيث يمكن اعتباره أسلوبًا للردع المعنوي للخصوم الداخليين بعد استعراض القوة في الشارع. يعكس الخطاب أزمة الثقة بالدولة، من خلال التأكيد على ضرورة تحمل السلطات مسؤولياتها لتجنب انزلاق الشارع إلى ردود فعل غير مضبوطة. كما يكشف عن القلق من إعادة إنتاج النزاعات الطائفية أو الحرب الأهلية، ليكون تحذيرًا موجّهًا لكل من الجمهور والسلطة.
هذا التحليل يسلّط الضوء على البُعد السياسي لخطاب ديني يحمل سمات خطاب كراهية دون تبني أي موقف أو حكم على مضمون الرسالة.
النتيجة
أظهر الرصد أن الخطاب احتوى على دلالات تمييزية تحوّلت من الطابع الديني إلى السياسي التحريضي، بما قد يسهم في التحريض بين الفئات والأحزاب المختلفة وتعزيز مناخ من الانقسامات، وهو ما يُشكّل تهديدًا محتملاً للسلم الأهلي.