لبنان 

فريق شييك 

على خلفية التصعيد الأمني في جنوب لبنان، وجّهت القوات الإسرائيلية إنذارًا بقصف منزل في بلدة يانوح. وبحسب المعطيات، طلبت اللجنة المعنية بإدارة وقف إطلاق النار من الجيش اللبناني دخول المنزل وتفتيشه في محاولة لمنع القصف وإثبات عدم وجود سلاح داخله. هذا الإجراء أثار جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من اعتبره خطوة لحماية المدنيين، ومن رآه مسًّا بالسيادة الوطنية، ما أدى إلى تصاعد خطاب كراهية شمل التخوين والإهانة والتحقير الجماعي ونزع الشرعية عن مؤسسات رسمية وأطراف سياسية

 يرصد هذا التقرير عينة عشوائية تتكون من 20 تغريدة متداولة على منصة "إكس"، مقسمة إلى فترتين زمنيتين: الأولى بين 14 و15 ديسمبر 2025 (بعد التهديد الإسرائيلي بقصف منزل يانوح وتدخل الجيش اللبناني)، والثانية بين 3 و5 ديسمبر 2025 (بعد الإعلان عن تعيين عضو مدني في لجنة الميكانيزم). يحلل التقرير لغة الخطاب المستخدمة في ردود الفعل، مع التركيز على الأنماط اللغوية المتطرفة.

مؤرشف: هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا هنا 

-

تحريض 

في 15/12/2025، نشر الصحافي علي الرضا برّو مقطع فيديو على منصة X، انتقد فيه احتفال القصر الجمهوري بإضاءة شجرة الميلاد، " “قصورًا تضاء وبيوتًا تعتم”" قبل أن يتهم الجيش اللبناني بالقيام بدور «الشرطي عند الإسرائيلي». يتجاوز الخطاب النقد الاجتماعي إلى نزع الشرعية عن مؤسسة رسمية، مستخدمًا رمزية طبقية لتأجيج الغضب والانقسام.

فيما نشر حساب R_Hiram على منصة X صورة مرفقة بنص ساخر يصف ما جرى في يانوح بـ“الفضيحة”، ويتهكم على آلية الميكانيزم. يعتمد المنشور أسلوب السخرية والتقليل من شأن الحدث لتشويه صورة الإجراء الأمني، مستخدمًا لغة استفزازية تساهم في تأجيج الانقسام.

في 14/12/2025، تناولت حسابات على منصة X الإجراءات الأمنية في بلدة يانوح بخطاب تصعيدي؛ إذ كتب حساب (Zeinab) أن الدولة التي تسمح بـ«إذلال جيشها» لا يمكن أن تكون «دولة صارمة»، فيما اعتبر حساب (BOSS) أن ما جرى «لا يحصل في دولة ذات سيادة». كما وصف حساب (Anonymous) الحدث بأنه «مشهد ذل» يجب عرضه أمام العالم، في حين استخدم حساب (KAMEL) ألفاظًا مهينة مثل «حفرت القوى الغبية».كذلك نشر حساب (نداء المقاوم) تغريدة اتهم فيها شخصيات سياسية وإعلامية بمنح «الشرعية والغطاء للعدو الإسرائيلي»  يعكس هذا الخطاب نزعًا منهجيًا للشرعية عن الدولة ومؤسساتها عبر الإهانة والتعميم، بما يساهم في تصعيد الغضب وتعميق الانقسام.

نشر حساب (ElHydral) تغريدة عن «سلاح جديد دقيق» يستخدمه «نعمو نواف» في إشارة لرئيس الحكومة، فيما اعتبر حساب (hassanhodroj) ما جرى «عارًا على الدولة» متهمًا الأخيرة بـ«إذلال جيشها». ونشر حساب (منهل الأمين) أن العدو الإسرائيلي لا يقيم أي وزن للميكانيزم أو لليونيفيل أو للجيش اللبناني، معتبرًا أن التفاوض مع العدو يزيد الإذلال. يعكس الخطاب خطابًا تعبويًا ينزع الشرعية عن المؤسسات الرسمية ويؤطرها ككيانات عاجزة أو خاضعة.

أظهر الرصد أنّ حدّة ردّة الفعل الرقمية بعد تنفيذ الجيش إجراء تفتيش للمنزل المُهدَّد جاءت ضمن سياق أوسع مرتبط بلجنة «الميكانيزم»، الجهة المسؤولة عن هذا النوع من الإجراءات. كما أعاد الحدث تنشيط النقاش الرقمي حول اللجنة، مستخدمًا مصطلح «الميكانيزم» وتداوله كهاشتاج. ويشير التحليل إلى أنّ تراكم الأحداث، خصوصًا تعيين سيمون كرم عضوًا مدنيًا في اللجنة مطلع الشهر، ساهم في تصعيد الخطاب الرقمي وربط الإجراء الميداني باللجنة وبالتعيين السابق، ما رفع منسوب الحدة في التفاعل الرقمي.

ما هي لجنة "الميكانيزم" في لبنان

في تصريحٍ لمنصة «شييك»، قال المحامي فؤاد مطر، رئيس الجمعية اللبنانية لمواجهة التطبيع وعضو المؤتمر القومي العربي، إن «الميكانيزم» هو لجنة مدنية مشتركة تضم مندوبين لبنانيين واسرائيليين، مهمتها تهدئة الوضع وإجراء محادثات مباشرة ضمن آلية مراقبة وقف إطلاق النار بين  حزب الله واسرائيل، على أن تُعقد اجتماعاتها في مقر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الناقورة.

 وأوضح مطر أن الوفد اللبناني يمثله المحامي سيمون كرم، السفير اللبناني السابق لدى الولايات المتحدة بين عامي 1992 و1993، والمقبول أميركياً كمفاوض عن الجانب اللبناني.

 واعتبر مطر أن جوهر عمل اللجنة يتمثل في تحديد مهلة زمنية حتى نهاية العام الحالي لنزع سلاح حزب الله، في مقابل ضمانات أميركية بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، على أن يملأ الجيش اللبناني الفراغ الأمني عبر انتشاره في منطقة جنوب الليطاني. 

وأشار إلى أن الطروحات المطروحة تشمل إعادة الأسلحة الثقيلة والدقيقة لحزب الله إلى إيران، مقابل منح الحزب مكاسب سياسية تتيح له الاستمرار كحزب سياسي مشارك في السلطة، إضافة إلى تأمين أموال لإعادة الإعمار واستئناف التنقيب عن النفط والغاز. 

واعتبر مطر إلى أن هذا المسار «يشبه إلى حدٍّ كبير اتفاقية 17 أيار، بل قد يكون أخطر من ذلك»، معتبرًا أن المرحلة الحالية «أخطر من تداعيات اجتياح بيروت في حزيران عام 1982».

قرار التعيين 

أثار تعيين السفير اللبناني السابق في واشنطن سيمون كرم عضوًا مدنيًا في لجنة الإشراف الخماسية على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية «الميكانيزم» جدلًا سياسيًا وشعبيًا واسعًا في لبنان، بين من اعتبره إجراءً دبلوماسيًا تقنيًا مرتبطًا بتطبيق القرار 1701، ومن رآه تحوّلًا سياسيًا خطِرًا يلامس «التطبيع»، وهو ما انعكس سريعًا على منصات التواصل الاجتماعي؛ إذ رصد معدّ التقرير عيّنة من تغريدات على منصة «إكس» بين 3 و5 ديسمبر تُظهر انقسام الآراء، أبرزها تغريدة لحساب (Bilal Mahdi) بتاريخ 5/12/2025 عبّر فيها عن امتعاضه من معارضي التعيين وربط جهة سياسية بـ«شراء الحلفاء» في خطاب تحريضي، وأخرى لحساب (MRT_Right) هاجم فيها شخصية سياسية متهمًا إياها بأنها «يطلع بكذب ع جمهورُه» في خطاب تخويني، حصدت نحو 100 مشاهدة، ما يعكس تصاعد خطاب التحريض والتخوين عقب قرار التعيين.

ربط التفاوض بالتطبيع

في 4/12/2025 نشر حساب على اكس تغريدة تربط تعيين سيمون كرم بمسار “التطبيع”، مرفقة بصورة ذات دلالة عدائية، ما يجعله خطاباً ذا نبرة تخويفية تُدرج التعيين ضمن مشروع يُقدَّم كخطر وطني.

مطالبة بالتدخل الإسرائيلي

في 5/12/2025، نشرت حسابات على منصة إكس محتوى تحريضي يربط فئة لبنانية بخطر خارجي. فقد نشرت (Nadine Barakat) تغريدة تطلب فيها من «أفيخاي أدرعي»، المتحدث باسم جيش دولة معادية، التدخّل لـ«منع التظاهر على الموتوسيكلات» بعد خروج بعض مناصري «حزب الله» بالدراجات والأعلام، مستخدمة عبارة «هيك هيك كلمته هو المسموعة منهم». يضع المنشور جهة لبنانية أمام خطاب استقواء خارجي، ما يمنحه طابعًا تحريضيًا واضحًا ويربط الفئة بقضية أمنية متعلقة بعدو خارجي.

كما هاجمت الإعلامية ساميا خدّاج جهة حزبية واصفة إياها بـ«ميليشيا»، ما يعكس خطابًا مسيئًا. وفي السياق نفسه، نشر حساب (منشّق عن حزب الله) تغريدة حذر فيها أهالي بيروت من «وحدة الموتوسيكلات التي يرسلها الحزب»، مع وصف الحزب بـ«المهزوم الهارب من جنوب الليطاني لاستفزاز المسيحيين والسنة في بيروت»، وهو خطاب تحريضي مباشر يصور الفئة المقصودة كتهديد أمني وطائفي، وحصد المنشور أكثر من 50 ألف مشاهدة و70 تعليقًا.

خطاب عدائي

في 3/12/2025، نشر حساب  (كميل) تعليقًا على منصة X بإهانة مباشرة للدولة اللبنانية: «قراركم بلّوه واشربوا ميّتو» مع هاشتاج «#دولة_العار»، ما يشيطن الطرف الآخر ويحوّل النقاش إلى خطاب عدائي وساخر، وحصد نحو 1.8K مشاهدة.

في الوقت نفسه، وصف حساب (@haddad_ernest) حزب الله بـ«الإرهابي» واعتبر الأحداث «زحلقة صريحة» و«مناورة»، متهمًا أطرافًا رسمية بالتواطؤ و«اختراع مستشاري الصدفة». تعكس التغريدتان خطابًا تصعيديًا يجمع التخوين ونزع الشرعية عن المؤسسات وربط فئة سياسية كاملة بالخداع والإرهاب، محوّلة النقاش من تحليل سياسي إلى خطاب عدائي تحريضي.

اتهامات بالعمالة

بعد إعلان رئاسة الجمهورية في 3/12/2025 تعيين سيمون كرم، الدبلوماسي اللبناني السابق لدى الولايات المتحدة (1992–1993) وموثوق كمفاوض من قبل الطرف الأمريكي، شهدت الفضاءات الرقمية موجة اتهامات سياسية تحمل طابع كراهية.

في 4/12/2025، نشر حساب (abomahmoud) تغريدة يتهم فيها كرم بتقليل الوطنية: «صوته ينضح بقلة الوطنية»، في خطاب تخويني يطعن بانتمائه الوطني ويقصي الطرف المخالف، وفي اليوم نفسه، أعادت الإعلامية مريم البسّام تداول رواية قديمة تتهم كرم بالتعامل مع جهة إسرائيلية، مستغلة الحادثة للتشكيك بشرعية دوره داخل لجنة «الميكانيزم»، ما جدد موجة الكراهية وشجّع على تشويه سمعته.

يعكس هذا التراكم الرقمي كيفية استخدام اتهامات العمالة كأداة لتحفيز خطاب عدائي، يقوّض الشرعية ويحوّل النقاش السياسي إلى خطاب تخويني وتحريضي ضد شخص محدد.

قياس حدّة خطاب الكراهية

لأغراض التقييم، اعتمد معدّ التقرير خطة عمل الرباط كإطار معياري لقياس شدة الخطاب المتداول، مستندًا إلى معاييرها الستة، لتحديد مدى اقتراب المحتوى من خطاب الكراهية وتقدير شدته بشكل موضوعي.

يبيّن التحليل أن أربعة معايير على الأقل من أصل ستة ضمن خطة عمل الرباط متوفّرة بوضوح في العيّنة المدروسة،  لاسيما السياق، المتحدث، المحتوى، ومدى الانتشار. وبناءً على ذلك، يمكن تصنيف الخطاب المتداول حول يانوح والميكانيزم كخطاب عالي الحدّة يتجاوز النقد السياسي التقليدي، ويضم مؤشرات تحريضية واضحة تستدعي متابعة مستمرة، مع التأكيد على أنه لا يمكن الجزم بوقوع ضرر مباشر في هذه المرحلة.

لقاء عون وكرم 

استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا، رئيس الوفد اللبناني المفاوض في لجنة "الميكانيزم" السفير السابق سيمون كرم بعد عودته من اجتماع اللجنة الذي انعقد اليوم في الناقورة، حيث وضعه في اجواء النقاش، خصوصاً لجهة تأكيد رئيس الجمهورية على أولوية المطلب اللبناني بعودة سكان القرى الجنوبية الى قراهم ومنازلهم وارضهم كمدخل للبحث بكل التفاصيل الأخرى. كما تم خلال الاجتماع في الناقورة، عرض مفصل لما انجزه الجيش اللبناني بشكل موثق. وأعلم السفير كرم الرئيس عون ان الاجتماع المقبل للجنة حدد في 7 كانون الثاني المقبل.

النتيجة

أظهر التقرير أن قضية يانوح أفرزت خطاب كراهية رقمي مرتبط بتعيين عضو مدني في لجنة «الميكانيزم»، حيث تداخل الملف الأمني والسياسي لإنتاج خطاب عالي الحدّة ومشحون بالتحريض، ما يستدعي متابعة مستمرة لتقييم الأثر المحتمل.