مدارس "المناهج العلمية" في لبنان: كيف تحولت إلى ساحة للانقسام الديني وخطاب الكراهية؟

image
صورة من الفيديو المتداول
خطاب كراهية ديني 2025-12-22



لبنان

فريق شييك


فيديو مدارس المناهج العلمية يثير انقساماً دينياً في لبنان. رصد "شييك" يكشف كواليس خطاب الكراهية المتبادل عبر المنصات ودعوات لتعزيز التسامح وحماية حقوق الطفل.


في 19 ديسمبر/كانون الأول 2025، نشرت مدرسة "مناهج العلمية" الثانوية في طرابلس فيديو على منصات التواصل الاجتماعي يظهر أطفالًا يتحاورون حول الاحتفال برأس السنة الميلادية والتقاط الصور مع شجرة الكريسماس، حيث جاءت إجاباتهم: "أعوذ بالله"، و"أنا لا أتشبه بالكفار"، و"نحنا مسلمين لا نشارك بأعياد المشركين"، ما يوحي بأن التقاط الصور مع الشجرة يُعدّ اعترافًا وتعظيمًا لأعياد النصارى. يوضح هذا المقطع كيف يمكن للمؤسسات التعليمية، عمدًا أو دون قصد، أن تتحول إلى منابر لنقل رسائل إقصائية أو تمييزية، خصوصًا عندما يُستَخدم الأطفال للتعبير عن مواقف عقائدية تجاه فئات دينية أخرى. كما يبرز الفيديو المخاطر الأخلاقية لتورط الأطفال في نقاشات دينية حساسة وغياب التوازن التربوي في التعامل مع الرموز والاحتفالات ذات البعد الثقافي والديني، ويشكل مثالًا واضحًا على انتشار خطاب الكراهية المغلف بالدين في المدارس، مع تداعيات على وعي الأجيال تجاه الآخر المختلف دينيًا أو ثقافيًا، ويطرح تساؤلات حول مسؤولية المدارس ووسائل الإعلام في ضبط الرسائل الموجهة للأطفال بما يعزز قيم التعايش والتسامح.



رصد فريق "شييك" بتاريخ 19 ديسمبر/كانون الأول 2025 عيّنة عشوائية من 31 تغريدة تناولت مقطع الفيديو المتداول، وانقسمت الآراء بين معارضين اعتبروا المحتوى تعزيزًا لخطاب الكراهية وغسلًا لأدمغة الأطفال ووصفوه بالتطرّف أو مرض نفسي، ومؤيدين أعادوا نشر المقطع ورأوه تعبيرًا عن الدين الإسلامي دون مسايرة للمسيحيين، فيما اعتبر بعض المستخدمين أنّ ما حدث لا يستوجب المحاسبة. العينة  هنا،هنا ،هنا،هنا، هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا،هنا.


تعكس هذه التفاعلات استقطاب الخطاب الديني في الفضاء الرقمي اللبناني، حيث تتحول منصات التواصل إلى ساحة صراع رمزي بين الدفاع عن حرية المعتقد وضبط الخطاب الديني المتشدد، ويبرز الجدل صعوبة التمييز بين حرية التعبير وخطاب الكراهية عندما تُستخدم مفردات دينية لتبرير الإقصاء أو الانتقاص من فئة بعينها. كما أشار المتفاعلون إلى تغلغل الفكر الإقصائي في البيئة التعليمية عبر رسائل موجّهة للأطفال تكرّس فكرة التفوق الديني ورفض المختلف، ما يثير المخاوف من أن تتحول المدارس إلى فضاءات لإعادة إنتاج خطاب الكراهية بدل تعزيز التسامح والتنوع. 

وبيّنت العينة أيضًا اتهامات متبادلة، حيث اعتبر بعض المستخدمين تعليم الأطفال الكره "طبيعيًا"، في حين نعت آخرون المسيحيين بأوصاف مهينة مثل "منبطح" و"كذاب" و"غشيم" و"غبي"، ما يوضح تحول النقاش من نقد سلوك محدد إلى تعميمات تمس هوية جماعة دينية بأكملها، ويبرز دور الفضاء الرقمي كمسرح لتبادل الإهانات الدينية والرمزية، بما يهدد فكرة العيش المشترك.هنا

يكشف هذا التفاعل الافتراضي مدى استقطاب الخطاب الديني في الفضاء الرقمي اللبناني، حيث تتحوّل المنصات الاجتماعية إلى ساحة صراع رمزي بين من يدافع عن حرية المعتقد ومن يطالب بضبط الخطاب الديني المتشدد. كما يعكس الجدل الدائر صعوبة التمييز بين حرية التعبير وخطاب الكراهية في السياق المحلي، خصوصًا عندما تُستخدم مفردات دينية لتبرير الإقصاء أو النيل من فئة بعينها.

ويعكس هذا النوع من الخطاب تحول النقاش من نقد سلوك محدد إلى تعميمات تمسّ هوية جماعة دينية بأكملها، وهو ما يندرج ضمن أشكال خطاب الكراهية الرقمي الذي يقوم على التنميط والإهانة، كما يُظهر أن الفضاء الإلكتروني بات مسرحًا مفتوحًا لتبادل الإهانات الدينية والرمزية، ما يهدد فكرة العيش المشترك.





تصاعد التفاعل 

وفي تغريدة أخرى، أبدت Majeda استياءها من تصرّف المدرسة واستخدامها لوصف "كفار" في حديث الأطفال عن المسيحيين، موضحةً أن الدين الإسلامي لم يطلق هذا الوصف على المسيحيين في سياق التعامل المجتمعي،  تكشف هذه التغريدة جانبًا مهمًا من النقاش، إذ تعبّر عن رفض ضمني لاحتكار الخطاب الديني وتوظيفه في إقصاء الآخر. هنا 


وتُظهر تغريدة أخرى لـ li watani استنكارًا لانتشار هذه الظواهر في لبنان، معتبرةً أن ما حدث يمثل أدلجة ممنهجة للأطفال واستهتارًا من وزارة التربية والتعليم في مراقبة الخطاب داخل المدارس، محذّرة من أن استمرار هذا النهج سيُنتج أجيالًا متطرفة لا تشبه هوية لبنان المتنوعة. ودعت صاحبة التغريدة إلى "إنقاذ الطفولة ومستقبل لبنان" من محاولات الزجّ بالأطفال في صراعات فكرية ودينية لا يدركون أبعادها. هنا


وبرز اتجاه يتفق مع محتوى المقطع المتداول ويعيد نشر المقطع ويؤيده، فقد نشر حساب عبد العزيز الفيديو وأرفق تعليق "لن نشارك بأعياد النصارى"، ويحمل ذلك دلالات لغوية وإيحائية تُغذّي الانقسام، فالمنشور في حدّ ذاته يتجاوز التعبير عن رأي ديني شخصي، ليصبح أداة لتعزيز التفرقة الدينية والاجتماعية. هنا



وقد شاركت منى الفيديو مشيدةً بجماله وجمال الفتيات الصغيرات، وترى بأن هذا الخطاب جزء من الدين الإسلامي الذي لن نشاير فيه المسيحي -على حد قولها-، موجهة خطابًا للمسيحيين تؤكد فيه أن هذا هو ديننا وهذه عقائدنا وهكذا نربي أبناءنا وإذا لم يعجبكم "هاجروا". هنا

 تكشف هذه العبارة عن تحوّل الإيمان الشخصي إلى خطاب رفض جماعي، إذ يُستخدم الدين هنا لترسيم حدود الانتماء الوطني، وتُربط شرعية البقاء في الوطن بالانتماء الديني، لا بالمواطنة أو العيش المشترك. وهذا الشكل من الخطاب لا يعبّر عن تدين، بل عن نظرة تمييزية تعتبر الآخر ضيفًا غير مرحّب به. 



وتساءل حساب C أخرى عمّا إذا كان تصوير هذا الفيديو يُعدّ فعلًا خاطئًا أو يستوجب المساءلة، معتبرةً أن من غير المعقول إيقاف المصوّر، وأن ما قاله لا يتجاوز التعبير عن رأي شخصي في إطار "العيش المشترك الذي ليس بالقوة"، مؤكدين أنه لم يرتكب جرمًا قانونيًا يمكن محاسبته عليه. هنا



التفاعلات الرقمية

تُظهر متابعة التفاعلات الرقمية على منصات التواصل الاجتماعي إثر مقطع الفيديو الذي نشر لطلبة مدرسة "مناهج العلمية" حول عدم مشاركة المسيحيين في الاحتفالات بأعيادهم، اندلاع موجتين متقابلتين من الخطاب: الأولى تعزز الكراهية والأخرى مضادة لها، ما يزيد من الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين في لبنان ويعمّق الانقسامات الدينية، ويقوّض فكرة بناء وطن يقوم على التعايش والاندماج وقبول الآخر.

 يوضح الجدول التالي الألفاظ التي لُقنت للأطفال خلال تصوير المقطع، إلى جانب دلالاتها وأنواع الخطاب التي تعكسها وفق تصنيف "شييك" لمؤشر خطاب الكراهية.




الكلمة 

الدلالة

التصنيف الدولي لخطاب الكراهية

التحليل وفق خطة عمل الرباط

التصنيف

أعوذ بالله

ترميز لغوي لخطاب الكراهية المغلّف بالدين

خطاب كراهية ديني

استخدام اللغة الدينية للتحقير أو تبرير التمييز، يزيد الانقسامات الدينية ويؤثر على وعي الأطفال.

إساءة

أنا لا أتشبه بالكفار

خطاب التمييز الديني وتعزيز الانقسام

وإقصاء على أساس الدين

يعزز التمييز الديني ورفض الآخر، مما يهدد قيم التسامح والتعايش ويزيد صراعات المجتمع.

تحقير وإساءة

لا نشارك بأعياد النصارى

جزء من خطاب التمييز الديني أو التحريض الرمزي

إقصاء ودعوة للتفرقة الدينية

يشجع رفض الآخر ثقافيًا ودينيًا، ويغذي الانقسام المجتمعي ويشكل نموذجًا للتمييز الرمزي.

إقصاء وإساءة

الصور مع شجرة الكريسماس إقرار بشعائرهم وأعيادهم

التحريض الرمزي والديني

خطاب تحقير وإقصاء ديني

يحوّل نشاطًا ثقافيًا بسيطًا إلى أداة للتحريض، ويكرّس فكرة التفوق الديني ورفض المختلف للأطفال.

تحقير



الثانوية تستنكر

 أصدرت إدارة ثانوية المناهج العالمية بياناً رسمياً عبر صفحتها على "فيسبوك" بتاريخ 19 كانون الأول 2025، أكدت الإدارة فيه أن الفيديو المذكور تم تصويره ونشره بشكل فردي ودون علم أو موافقة الإدارة، معتبرةً أن هذا العمل يمثل خرقاً صريحاً للبروتوكولات الداخلية للمؤسسة.

ومن خلال التحقق من الصفحة الرسمية للثانوية على منصة فيسبوك، تبيّن خلوّها تماماً من الفيديو المتداول، حيث أكدت الإدارة أن المحتوى الوارد في الفيديو لا يعكس بأي شكل من الأشكال استراتيجية المدرسة التربوية أو توجهاتها الوطنية والتعليمية التي تحرص على غرس قيم التسامح واحترام الآخر. وبناءً على ذلك، أعلنت الإدارة عن البدء الفوري باتخاذ سلسلة من الإجراءات الصارمة بحق الموظف المسؤول عن التصوير والنشر، مؤكدة التزامها بالمحاسبة والشفافية. هنا 



هاشتاغ #طرابلس

شهد هاشتاغ #طرابلس على منصة "إكس" خلال الفترة من 19 إلى 20 ديسمبر 2025 انتشارًا واسعًا، حيث سجّلت أداة Tweet Binder 200 تغريدة حققت 2,985 انطباعًا مباشرًا، مع وصول محتمل بلغ 9,996,827 مستخدمًا، وقيمة اقتصادية تقديرية للحملة بلغت 11,169 دولارًا أمريكيًا، ما يعكس حجم التأثير الإعلامي والانتشار السريع للحملة. 

وتشير البيانات إلى نمط مقلق يوحي بتنظيم مسبق ومدروس، إذ بلغت نسبة إعادة التغريدات 59.5% من إجمالي المنشورات (119 تغريدة من أصل 200)، وهو معدل أعلى بكثير من التفاعل العفوي المعتاد على المنصة. 

وأظهر التحليل أن 3 حسابات فقط أنتجت نحو 40% من المحتوى الأصلي، بينما اقتصرت باقي الحسابات على إعادة النشر والتضخيم، ما يشير إلى دور محدود لعدد قليل من الحسابات في توجيه الحملة وبث الرسائل المتكررة على نطاق واسع.



ذروة الانتشار 

يكشف الرسم البياني الزمني للنشاط عن ثلاث قمم رئيسية للتصعيد. القمة الأولى حدثت بعد ظهور الفيديو مباشرة عند الساعة 09:58 تقريباً، حيث قفز عدد المنشورات إلى أكثر من 13 منشوراً في دقيقة واحدة. هذه القفزة المفاجئة تشير إلى استجابة سريعة ومنظمة وليست تفاعلاً عضوياً تدريجياً. القمة الثانية سُجلت عند الساعة 10:04 بأكثر من 10 منشورات، وتزامنت مع دخول حسابات إعلامية كبرى على الخط، خاصة MTV Lebanon News. القمة الثالثة جاءت عند الساعة 10:10، مدفوعة بردود فعل سياسية وتصريحات من شخصيات عامة، ما حول الموضوع من حادثة محلية إلى قضية وطنية. 


الحسابات الأكثر نشاطاً وشبكة التضخيم

تصدر الحملة حسابات فردية ومنها الحساب @original_84_ "Original" بـ 7 منشورات أصلية محققاً 333 انطباعاً، مركزاً على نشر صور ومقاطع فيديو مع تعليقات تحريضية طائفية. تلاه @Alahrash2 "الأحرش" بـ 6 منشورات  من خلال إعادة النشر، بينما نشر @HeydarHaitamRaa "رئيسي حيدر حيطور" 5 منشورات بأسلوب عدواني و خطاب طائفي. على صعيد إعادة النشر، تصدر @Alahrash2 بـ 6 إعادات و@HeydarHaitamRaa بـ 5 إعادات، حيث أضافا تعليقات تصعيدية مع كل إعادة نشر، فيما شكلت الحسابات @DoryGhaleb و@LiLiharouni و@antoinegeagea طبقة ثانية بـ 2 إعادة نشر لكل منهم لتوسيع دائرة الانتشار. هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا 



تحليل المشاعر

حصلت الحملة على درجة مشاعر إجمالية 32.15 تعكس نبرة سلبية وعدائية. رغم أن 2% فقط من المنشورات صُنفت رسمياً كـ "سلبية"، إلا أن 44% صُنفت كـ "غير محددة"، وهي النسبة الأعلى التي تكشف إستخدام لغة ملتبسة خالية من كلمات محظورة صريحة لكنها تحمل رسائل تحريضية واضحة. عبارات مثل "هذا ما يُدرّس لأطفالنا" أو "هل هذا ما نريده لمستقبل لبنان؟" تبدو بريئة للخوارزميات الآلية لكنها محملة بدلالات طائفية قوية ضمن السياق اللبناني. المساهمون انقسموا بين 35% محايدين، 35% غير محددين، 24% إيجابيين، و6% سلبيين فقط، بينما 39% من الانطباعات كانت "غير محددة".


الحسابات الأكثر تكلفة

القائمة الكاملة للحسابات الأكثر قيمة اقتصادية تكشف عن هرمية واضحة في القوة والتأثير. على رأس القائمة @grok بـ 13,335 دولاراً (حساب ذكاء اصطناعي)، يليه @MTVLebanonNews بـ 3,587 دولاراً، ثم @EanLibya بـ 1,301 دولاراً، @ElnashraNews بـ 913 دولاراً، @TanasuhTV بـ 347 دولاراً، @SawtBeirut بـ 269 دولاراً، @KuwaitShuraCoun بـ 193 دولاراً، @nbntweets بـ 182 دولاراً، @NNALeb بـ 130 دولاراً. هذه القائمة تضم خليطاً من الحسابات الإعلامية اللبنانية والعربية والحكومية، مما يعني أن الحملة حظيت بدعم واسع من قطاعات إعلامية مختلفة. 

انتشار هاشتاغات

لم تقتصر الحملة على الهاشتاغ الرئيسي، بل استُخدمت هاشتاغات إضافية لتوسيع دائرة الانتشار واستهداف جمهور أوسع. تصدّر هاشتاغ #الكريسمس القائمة بـ 63 استخدامًا، يليه #شجرة_الكريسمس بـ 61 استخدامًا، ما يشير إلى استراتيجية متعمدة لربط الحادثة بالمناسبات المسيحية وتأطيرها على أنها "اعتداء على الرموز الدينية". كما استُخدم هاشتاغ #لبنان 21 مرة لإضفاء بُعد وطني على الحملة وتصويرها كقضية تهم البلد بأكمله، وهو تكتيك يهدف إلى توسيع قاعدة التعاطف وجذب شرائح أكبر من الجمهور اللبناني.



الرأي القانوني

في مقابلة لشييك، اعتبر المحامي اللبناني والخبير القانوني د. عصام سباط أن العبارات التي وردت على لسان الأطفال في المقطع المتداول، حتى مع محاولات تبريرها أو تجميلها، تُشكّل في جوهرها خطابًا يُسهم في تعزيز الطائفية والانقسام، ويتعارض مع مبدأ العيش المشترك المنصوص عليه في الدستور اللبناني، لا سيما عندما يُقدَّم هذا الخطاب لفئة عمرية صغيرة.

وأوضح سباط أن تلقين الأطفال خطابًا يُقصي فئة دينية كاملة ويُسيء إليها يُعد إخلالًا بالواجب التربوي، مؤكدًا أن دور المؤسسات التعليمية يتمثل في تعزيز قيم التسامح، وقبول الآخر، واحترام خصوصياته، لا في ترسيخ التمييز أو الكراهية.

وفي ما يتعلّق بالمسؤولية القانونية، أشار إلى أن التقييم القانوني يتطلب دراسة السياق كاملًا، إلا أن المسؤولية تقع مبدئيًا على الجهة التي قامت بتعليم الأطفال هذا الخطاب. فإذا ثبت أن العبارات ناتجة عن تعليم مباشر داخل المدرسة، فإن المسؤولية تقع على الإدارة أو المعلّم المعني، أما إذا كانت نتيجة تأثيرات خارجية من البيئة العائلية أو الاجتماعية، فتنتقل المسؤولية إلى الجهة التي غرست هذه المفاهيم.

وحذّر سباط من أن استمرار هذا النوع من التنشئة قد يؤدي إلى إنتاج أجيال تنظر إلى الآخر كخصم لا كشريك في الوطن، ما يُشكّل تهديدًا للنسيج الاجتماعي ولمستقبل التعايش في لبنان.



دور الإعلام في إعادة إنتاج خطاب الكراهية

أظهرت متابعة التغطية الإعلامية أن عدة وسائل، من بينها Beirut Time وقناة الجديد وPolitical Pen وLebanon News، التلفزيون العربي، أعادت نشر الفيديو الذي تضمن عبارات طائفية نطق بها الأطفال. بغض النظر عن نية التغطية، يُعد نشر هذا المحتوى إعادة تدوير لخطاب الكراهية المتداول، إذ يقوم بتضخيم الرسائل التحريضية ويحوّلها من مادة محدودة إلى خطاب واسع الانتشار يصل إلى جمهور كبير.

كما نشر موقع Lebanon On الفيديو مع فقرة وصفته بـ«مثير للجدل» وادعى أن الأطفال تلقوا «تلقينًا أيديولوجيًا»، ما عزّز الانطباعات المسبقة وربط الحدث بمدينة طرابلس، بينما استخدمت منصة Blinx عناوين استفزازية لزيادة التفاعل، مما ساهم في تأجيج الخطاب الإقصائي. يبرز هذا التحليل أن إعادة نشر محتوى يتضمن خطاب كراهية، حتى في سياق تغطية إخبارية، يعيد إنتاجه ويمنحه انتشارًا أكبر، وهو ما يفرض على المؤسسات الإعلامية مسؤولية أعلى في التعامل مع الأطفال وحماية خصوصيتهم، وتقديم قراءة موضوعية تعزز قيم التسامح والسلم الأهلي بدلاً من تأجيج الانقسامات.



المخالفة المهنية والقانونية

تجاوز نشر الفيديو حدود الجدل الاجتماعي ليشكّل مخالفة صريحة للأنظمة والقوانين. فقد انتهك ميثاق الشرف الإعلامي (المادة 2) الذي يحظر التحريض على التحقير أو العنف ويُلزم باحترام الأديان. كما يُعد التحريض الوارد في المقطع مخالفة للمادة 317 من قانون العقوبات اللبناني، التي تنصّ على أن أي خطاب يهدف إلى إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو النزاع بين الطوائف يُعاقب عليه بالحبس من سنة إلى 3 سنوات وغرامة تتراوح بين 100,000 و800,000 ليرة. هذه الأعمال تمثل تهديدًا واضحًا للسلم الأهلي وتشكل انتهاكًا صارخًا للقانون، لما قد تُحدثه من تفاقم الانقسامات في المجتمع.


خطة عمل الرباط 

تدعو خطة عمل الرباط إلى مواجهة خطاب الكراهية ومحاسبة الإعلام الذي يروّج للتمييز، ضمن القوانين الوطنية والمعايير الدولية، مع تحديد الفاصل بين حرية التعبير والتحريض عبر اختبار سداسي يقيّم السياق والنية والمضمون والانتشار واحتمال الضرر.

النتيجة

أظهرت نتائج رصد فريق "شييك" أن المحتوى المرتبط بمدارس "مناهج العلمية" تحول إلى ساحة للانقسام الديني وخطاب الكراهية في لبنان