دليل متخصِّص في الصحافة الحسَّاسة للنِّزاع من شييك

image
حمّل الدليل الآن من هنا


في أوقات النِّزاعات، لا يقتصر دور الإعلام على نقل الحدث، بل يتجاوزه إلى التَّأثير في وعي الجمهور وسلوك المجتمع وقد يكون له دور حاسم في تأجيج الأزَمات أو المساهمة في تهدئتها. وفي مثل هذه السِّياقات الحسَّاسة، يواجه الصحافيون/ات ومدقِّقو/ات المعلومات والنَّاشطون/ات في مجال حقوق الإنسان تحديًّا مزدوجًا يتمثَّل في: تقديم تغطية دقيقة وموثَّقة من جهة، وتجنُّب الوقوع في فخِّ التَّحيُّز اللاواعي أو الانجرار خلف خطاب الكراهيَّة من جهة أخرى.

في لبنان، حيث تتقاطع الانتماءات الطَّائفيَّة والسِّياسيَّة والاجتماعيَّة، تزداد أهميَّة الصحافة المسؤولة والمستقلة. من هنا، يأتي هذا الدَّليل ليكون أداة مساعدة لتقديم استراتيجيَّات عمليَّة تقلِّل التَّحيُّز، وتعزِّز الحساسية للنِّزاع، وتحدُّ من خطاب الكراهية في التَّغطيات الإعلاميَّة.

يسعى هذا الدَّليل إلى دعم الإعلام في أداء دوره الأخلاقي والمهني في بيئات النِّزاع، عبر تبني نهج يراعي السِّياقات المعقَّدة، ويُعلي من القيم المهنيَّة، ويعكس الواقع بإنصاف. كما يساهم في بناء سرديَّات بديلة تحقق التَّماسك المجتمعيَّ، وتدعم جهود بناء السَّلام، بدلًا من تعميق الانقسام.

ويتناول الدَّليل بشكل خاصٍّ قضية صورة المرأة والتَّغطية الحسَّاسة للنِّزاع كرحلة كفاح، ويستعرض أهمَّ  الاستراتيجيَّات الدِّفاعيَّة التي تمكِّن الصحافيات من العمل بأمان في بيئات مشحونة، وتضمن لهنَّ بيئة مهنيَّة عادلة وشاملة.

وباعتبار أنَّ السَّلامة النفسيَّة لا تقلُّ أهميَّة عن السَّلامة الجسديَّة أو الرَّقمية، يُخصِّص الدَّليل مساحة لتسليط الضَوْء على الجوانب النَّفسيَّة المرتبطة بالعمل الصحافي في مناطق النِّزاع. إذ يستعرض التَّحديَّات النَّفسيَّة التي يواجهها الصحافيون/ات، والعوامل التي تزيد من حدَّة الضُّغوط النفسيَّة، بالإضافة إلى استراتيجيَّات الوقاية والدَّعم النَّفسيِّ، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسَّسات، بما يضمن الحفاظ على الأداء المهني دون المساس بالصِّحة النَّفسيَّة.

في السنوات الأخيرة، تفاقم خطاب الكراهية خصوصًا في ظلِّ الحرب الإسرائيليَّة على لبنان، وتحوَّل إلى أداة سياسيَّة وإعلاميَّة تستهدف شرائحَ مجتمعيَّة ضدَّ أخرى. وفي الفضاء الرَّقمي ووسائلِ الإعلام التَّقليديَّة، أصبح لهذا الخطاب حضور واسع، مدفوعًا بماكينات سياسيَّة تحاول فرض سرديَّاتها عبر منصات غير مستقلة، ما يفاقم الاستقطاب والانقسام.

وعلى الرَّغم من أنَّ كثيرًا من وسائل الإعلام اللبنانيَّة والعربيَّة ترفع شعار "قول الحقيقة"، إلا أن ما يُقدَّم غالبًا يُصاغ بلغة مشحونة بالعاطفة والمواقف، لا بالمهنيَّة والحقائق. وفي ظل هذا المشهد، تصبح الحاجة ملحة لتبني مقاربات صحافية جديدة، أكثر وعيًا وحيادًاـ تعيد تعريف الحقيقة باعتبارها مسؤولية أخلاقيَّة لا مجرد شعار.